[ وقال ابن جرير: حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، حدثنا المعتمر بن سليمان عن أبيه ، عن الحسن قال: أخبر زياد أن الصابئين يصلون إلى القبلة ويصلون الخمس. قال: فأراد أن يضع عنهم الجزية. قال: فخبر بعد أنهم يعبدون الملائكة]. وقال أبو جعفر الرازي: بلغني أن الصابئين قوم يعبدون الملائكة ، ويقرؤون الزبور ، ويصلون إلى القبلة. وكذا قال سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني ابن أبي الزناد ، عن أبيه ، قال: الصابئون قوم مما يلي العراق ، وهم بكوثى ، وهم يؤمنون بالنبيين كلهم ، ويصومون من كل سنة ثلاثين يوما ويصلون إلى اليمن كل يوم خمس صلوات. وسئل وهب بن منبه عن الصابئين ، فقال: الذي يعرف الله وحده ، وليست له شريعة يعمل بها ولم يحدث كفرا. وقال عبد الله بن وهب: قال عبد الرحمن بن زيد: الصابئون أهل دين من الأديان ، كانوا بجزيرة الموصل يقولون: لا إله إلا الله ، وليس لهم عمل ولا كتاب ولا نبي إلا قول: لا إله إلا الله ، قال: ولم يؤمنوا برسول ، فمن أجل ذلك كان المشركون يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه: هؤلاء الصابئون ، يشبهونهم بهم ، يعني في قول: لا إله إلا الله.
وأمّا معنى الآية فافتتاحها بحرف { إنّ} هنا للاهتمام بالخبر لعروّ المقام عن إرادة ردّ إنكار أو تردّد في الحكم أو تنزيل غير المتردّد منزلة المتردّد. وقد تحيّر النّاظرون في الإخبار عن جميع المذكورين بقوله: { من آمن بالله واليوم الآخر} ، إذ من جملة المذكورين المؤمنون ، وهل الإيمان إلاّ بالله واليوم الآخر؟ وذهب النّاظرون في تأويله مذاهب: فقيل: أريد بالّذين آمنوا من آمنوا بألسنتهم دون قلوبهم ، وهم المنافقون ، وقيل: أريد بمن آمن من دام على إيمانه ولم يرتد. وقيل: غير ذلك. والوجه عندي أنّ المراد بالَّذين آمنوا أصحاب الوصف المعروف بالإيمان واشتهر به المسلمون ، ولا يكون إلاّ بالقلب واللّسان لأنّ هذا الكلام وعد بجزاء الله تعالى ، فهو راجع إلى علم الله ، والله يعلم المؤمن الحقّ والمتظاهر بالإيمان نِفاقاً. فالّذي أراه أن يجعل خبر ( إنّ) محذوفاً. وحذفُ خبر ( إنّ) وارد في الكلام الفصيح غير قليل ، كما ذكر سيبويه في «كتابه». وقد دلّ على الخبر ما ذكر بعده من قوله: { فلا خوف عليهم} إلخ. ويكون قوله: { والّذين هادوا} عطفَ جملة على جملة ، فيجعل { الّذين هادوا} مبتدأ ، ولذلك حقّ رفع ما عُطف عليه ، وهو { والصابُون}.
ثالثا: إذا قمنا بالواجبين السابقين كنا مؤهلين لأخذ زمام المبادرة ، لندعو نحن غيرنا ، ونخبرهم بالحق الذي عندنا ، ونكشف لهم ، بالتي هي أحسن ، الباطل الذي عندهم ، بدلا من أن نقف موقف الدفاع ، شأن الضعفة والمنهزمين. والله الموفق.
(فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ) أي: ثوابهم عند ربهم. • وفي تسمية ثوابهم أجراً تأكيد لتكفله -عز وجل- لهم بذلك، وفي كونه عند ربهم تعظيم له، لأنه الكريم الجواد. (وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) أي: فيما يستقبلونه من أمر الآخرة. (وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) أي: على ما فاتهم من أمور الدنيا. • هذه الآية هي قطعاً في الأمم التي كانت قبل مبعث النبي، فإن الله تعالى أرسل الرسل وأنزل الكتب، فمن تبع الأنبياء وقبِل دعوتههم واستجاب لهم فإن الله وعده بالرحمة والجنة، وأما بعد مبعث النبي -صلى الله عليه وسلم- فإن الله لا يقبل من أحد سوى الإسلام. كما قال (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ). وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- (لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار) رواه مسلم. • فقد جاءت الآيات القرآنية في كفر اليهود والنصارى، وكونهم مشركين لا يقبل الله منهم إيماناً ولا عملاً قال تعالى (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ).
والخبر في سورة المائدة هو: { مَنْ آمَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وعَمِلَ صَالِحاً فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} [المائدة: 69]. والخبر في سورة الحج هو: { إِنَّ ٱللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيامَةِ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [الحج: 17]. والآيات الثلاث في مجموعها تتعرض لمعنى واحد، ولكن الأساليب مختلفة وكذلك الغايات فيها مختلفة. ونلحظ هنا أن الحق قال: " آمنوا " والإيمان هنا هو الإيمان اللفظي أي بالفم وليس بالقلب، والمتصفون بذلك هم المنافقون والذين هادوا، هم أتباع موسى، والنصارى هم أتباع عيسى، والصابئون ليسوا أتباعاً لأحد فقد كانوا أتباعاً لنوح ثم صبأوا عن ديانة نوح وعبدوا الكواكب، أو هم قوم عدلوا عن اليهودية والنصرانية وعبدوا الملائكة. والمجوس وهم عبدة النار. إذن الحق يريد أن يجري تصفية إيمانية في الكون، فمن يبادر ويدخل في هذه التصفية. يسلم من شر ما فعله قبل ما مجيء الإسلام، ذلك أنهم أضلُّوا أناساً أو حكموا بالظلم. والحق في سورة البقرة يقول: { فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ} أي أنه - سبحانه - غفر لهم ما فعلوا من سوء وجزاهم على عملهم الصالح الذي لم يحبطوه ويذهبوه بعمل السيئات والآثام.
إعراب الآية 69 من سورة المائدة - إعراب القرآن الكريم - سورة المائدة: عدد الآيات 120 - - الصفحة 119 - الجزء 6. مرت هذه الآية في سورة البقرة مع خلاف قليل هو قوله تعالى: فلهم أجرهم عند ربهم (برقم 62) ونصب الصابئين على أنها معطوفة على ما قبلها أما الرفع فعلى أنها مبتدأ وخبره محذوف والتقدير: إن الذين آمنوا والذين هادوا.. كلهم كذا والصابئون كذلك... والجملة الاسمية معطوفة على جملة إن الذين آمنوا الاستئنافية. (مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ) من اسم موصول مبني على السكون في محل نصب بدل من الذين والجملة صلة الموصول لا محل لها (فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) الفاء رابطة لأن في الموصول رائحة الشرط والتقدير من آمن من اليهود والنصارى فلا خوف عليهم، لا نافية، خوف مبتدأ، عليهم خبره. (وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) جملة يحزنون خبر المبتدأ هم والجملة الاسمية ولا هم معطوفة. موقع هذه الآية دقيق ، ومعناها أدقّ ، وإعرابها تابع لدقّة الأمرين. فموقعها أدقّ من موقع نظيرتها المتقدّمة في سورة البقرة ( 62) ، فلم يكن ما تقدّم من البيان في نظيرتها بمغن عن بيان ما يختصّ بموقع هذه. ومعناها يزيد دقّة على معنى نظيرتها تبعاً لدقّة موقع هذه. وإعرابها يتعقّد إشكاله بوقوع قوله: { والصابون} بحالة رفع بالواو في حين أنّه معطوف على اسم { إنّ} في ظاهر الكلام.
إعراب الآية 17 من سورة الحج - إعراب القرآن الكريم - سورة الحج: عدد الآيات 78 - - الصفحة 334 - الجزء 17.
dicksplaceinc.com, 2024 | Sitemap