[5] مرحلة المرض أصيب بداء الصدر وظل يعاني من المرض والفقر والعزلة الاجتماعية ورزح تحت وطأة الآلام النفسية والجسدية التي فاقمت من مرضه وأدت إلى ظهور شكل من أشكال الوسواس القهرى لديه وهو ما أنعكس في أعماله الشعرية ففي قصيدته «يؤلمنى شكّي» يصف حالته المرضية إلى صديقه محمود انيس وهو يصارع المرض. [6] ووفقاً للشاعر عبد المنعم الكتيابي ابن أخت التجاني فإن البيئة غير الصحية التي عمل في وسطها التجاني لساعات طويلة كمحرر لبعض الجرائد في مطبعة قديمة بالمكان تنبعث منها أبخرة ضارة بالصحة وأجواء الرطوبة كانت السبب في أصابته بالدرن الرئوي الذي لم يمهله طويلاً. [7] وفاته توفي التجاني يوسف بشير سنة 1937 م، عن عمر يناهز الخامسة والعشرين. [6] قالوا عنه يؤكد الشاعر العراقي فالح الحجية في كتابه شعراء النهضة العربية على أن «التجانى يوسف بشير يمتاز بروعة الشعر وقوته ومتنانته وجزالته فانه برغم قصر سنى عمره التي ما تجاوزت الخمس والعشرين سنة أضاف إلى التراث الأدبي السودانى والعربي ديوانا رائعا اسماه «إشراقة» تسمت الكثير من بنات السودان في حينه يضم قصائد روعة في الإنشاد والبلاغة والخيال». ووفقاًللباحث السوداني عكاشة أحمد فضل «فقد كانت هناك الكثير من العوامل التي أدت إلى أن يعتبر العرب والسودانيون التجاني يوسف بشير شاعرا مجيدا ومن بين هذا سعة وصدق آرائه فيما يتعلق بالروابط فيما بين الناس وروع' وامتياز اشعارة خاصة تلك التي تعلقت بالجمال والعاطفة البشرية.. لقد كانت من الكمال والغنى وكانت الأصوات في أغلبها رخيمة وشجية».
لكن تلك الطريقة الصوفية التجانية لم تكتف بأن تهديه لقبه الذي عرف به وحسب بل أثرت عليه لاحقًا بطريقة جعلت من شعره مرآة صوفية تتردد فيها صور التصور وإشراقاته بطريقة غير مسبوقة على هذا الصعيد عربيًا. نشأ التجاني في تلك البيئة الدينية الغارقة في تهويمات التصوف وإشراقاته وفي كنفها تلقى دروسه التعليمية الأولى على يد عمه الشيخ محمد الكتيابي فحفظ القرآن الكريم، وعيون الشعر العربي، وتعلم مبادئ النحو والصرف وعلوم اللغة العربية، ثم توجه لاستكمال تعليمه العالي في المعهد العلمي في أم درمان لدراسة الفقه وآداب اللغة العربية وغيرهما من دروس يهتم بها ذلك المعهد في أوائل القرن العشرين. ولأن الشعر كان قد تغلغل في وجدانه الإبداعي منذ صباه ، فقد كانت تلك الفترة الدراسية فترة النضج المبكر لتلك الموهبة الفائرة. كتب التجاني وهو على مقاعد الدراسة في المعهد العلمي الكثير من القصائد التي أبرزت شخصيته الإبداعية بشكل واضح، ودلت على منابع الإلهام لديه، كما أنها كانت تعبيرًا عن التمرد المجتمعي الذي بدأ يتصاعد في نفسه الحزينة على أوضاع وطنه ومواطنيه تحت وطأة الاستعمار البريطاني من جهة، واستعمار الجهل والتخلف والمرض والفقر من جهة أخرى.
dicksplaceinc.com, 2024 | Sitemap